نبذة مختصرة عن المرحوم المختار بن التقي القلاوي الشنقيطي (1932م - 2003م)(*)

تقديم:
بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة إلى أنه من الصعوبة بمكان على غير المتخصصين في القضايا التاريخية وفي سرد وحفظ السير ونشر التراجم أن يعطي حق نبذة ولو مختصرة عن حياة فرد لم يعايش جل حياته ولم يدرك فترة شبابه وتحصيله، ولم يدرك بيئته التي تربى فيها، فالإنسان ابن بيئته كما يقال، ولكننا سنحاول – لدواعي متنوعة ونزولا عند رغبة البعض– أن نبرز لا أن نفصل،
واختصارا لا حصرا وبشكل أمين وصادق، جوانب من حياة المرحوم المختار بن التقي، مخافة أن تبعثرها عاديات الزمان وحوادث التاريخ التي لا ترحم فتفنى في عقول أحفادٍ من حقهم أن يعرفوا ولو نزرا يسيرا عن أسلافهم فيتخذوا العبر ويستلهموا من السير. وهكذا سنحاول طرق تلك النبذة من خلال ما يلي:

أولا:  مولده  ونشــأته:
ولد المختار لأبيه محمد العربي و لد أحمد محمود ولد عبد الله (بكار الكبير) و لد لمرابط ولد التقي ولد الطالب مصطف القلاوي([1])، ولأمه الصغرى بنت حمدان([2])، رحم الله الجميع. وذلك سنة 1932م تقريبا الموافق 1351 هـ تقريبا، في ضواحي مدينة "انواكشوط" حيث كان حي أهله آنذاك في انتقال موسمي من "الخوارة" جنوبا إلى "إينشيري" شمالا، ويبدو أنه ولد –رحمه الله- أثناء إحدى تلك الرحلات في منطقة "آفطوط" جنوب "انواكشوط".
 اتفق جل الكتاب الموريتانيين الذين دونوا الأنساب والأعراق في البلاد الشنقيطية على نسبة قبيلته "لقلال"([3]) إلى عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والتي تعد من أعرق وأقدم القبائل الحالية في البلاد الشنقيطية التي عرفت فيها بيوتات العلم الشهيرة (المحاظر) واشتهر بالعلم كثير من رجالها([4]).
أما عن نشأته فقد نشأ – رحمه الله- في بيت والدته الحنون نشأة صالحة طيبة تربى فيها على العفاف والطهارة وحسن الخلق، فتربى في كنف والدته الحنون وكفالة عمه بباه بن احمد محمود ولد التقي إذ توفي والده محمد العربي عنه وهو في الصغر، وما إن بلغ حتى تاقت نفسه لمجالس العلم والأدب، فصار يذهب تارة للعمل وتحصيل الزاد المادي الذي يعينه على طلب العلم ثم يذهب تارة أخرى إلى رياض العلم والمحاظر لينهل من علومها رغم شحاحة الوسائل وقساوة الطبيعة وكثرة التنقل، وأحيانا يمكث مع والدته وإخوته أينما حلوا وخاصة في قريتهم الجميلة التي تدعى قرية "الخواره"([5])، ويعتبر حي الأقلال آنذاك مدرسة تخرج منها الكثير من أهل العلم وطلبته، وفقد حضر فيه المختار بن التقي –رحمه الله- الكثير من مجالس العلم والأدب حيث درس على محمد عبد الله ولد محمد آسكر (الكبير) والمختار ولد حيمدّ ثم انتقل بعد ذلك إلى "محاظر" أخرى خارج حي أهله.
هكذا بإيجاز كانت نشأته بين بيت والدته الصالح وبين المحاظر ينهل من علوم اللغة والشريعة الإسلامية وفنون السير والتاريخ، فأخذ رحمه الله عن جم غفير من علماء المنطقة أمثال الناهي بن حبيب الله التندغي، والمختار ابن ابلول، ومحمد عال بن نعم المجلسي، ومحمد عال ولد عدود([6])،  وقد أخذ رحمه الله أثناء تجواله بين المحاظر معلقات ودواوين في الأدب وألفية ابن مالك ولاميته في اللغة ونظم الشيخ خليل وشرحه من الفقه والعقيدة وغيرها من المتون المحظرية آنذاك، ثم بعدها التحق بمعهد الدراسات الإسلامية بمدينة "أبي تلميت" سنة 1959م، الذي تعرف فيه على العلامة محمد عالي بن عدود، وأخذ عنه ودرس عليه علوم الشريعة، ثم التحق بمدرسة تكوين المعلمين بـ:"تونس" بين سنتي 1961-1964م (1380-1384هـ)، وتعرف بعدها على الشيخ سيدي محمد التاكنيتي وصحبه فترة طويله صاهره فيها بزواجه من ابنة أخته وقد صدره قبل أن يترك طريقة الصوفية وينتهج نهج الكتاب والسنة.
وقد عمل في التعليم النظامي وغيره مدة 30 سنة، وكان رحمه الله سني العقيدة مشارك في العلوم الشرعية من أصول وفقه مالكي وعلوم لغوية، معتدل في أحكامه التي يقررها، وثقه الإمام بداه بن البصيري ومحمد سالم ولد عدود وغيرهما من علماء القطر الموريتاني المعاصرين له الذين ربطتهم به صلات المودة الوثيقة. وهذا ما يفتح المجال لطرق باب شخصيته وأخلاقه ومكانته العلمية ولو بإيجاز.

ثانيا:  شخصيته  وأخلاقه  ومكانته  العلمية:
لقد عاش المختار بن التقي –رحمه الله- فيما بين (1932- 2003) وهي الفترة التي شهد فيها المجتمع الموريتاني تحولات جذرية هامة واكبت الاستغلال وظهور الدولة الحديثة وقيام الدعوات الاصلاحية في البلاد العربية وأستاذنا المختار –رحمه الله- في ريعان شبابه حينها، وواكبت فترة ما بعد الاستقلال والدعوة إلى تعريب المناهج التربوية في التعليم النظامي في بلادنا، إلى غير ذلك من مظاهر الاستقلال الثقافي نوعا ما عن المستعمر الفرنسي، وقد كانت تلك الفترة فترة حرجة تزامنت مع الانتقال العشوائي من الريف إلى المدن وخاصة إلى العاصمة "انواكشوط" مما نتج عنه بروز معطيات حياتية جديدة يطبعها التعقيد وظهور أخلاقيات غريبة على المجتمع البدوي الذي تطبعه السماحة والمثل والبساطة، مثل التخلي إلى درجة الانسلاخ أحيانا عن الموروث الثقافي المستسقى من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة نتيجة الاختلاط بين الناس والاحتكاك بالآخر وصعوبة ظروف العيش في المدينة بالنظر إلى سهولتها في الريف، وقد ولد هذه الظاهرة عند من عايش هذا التحول من المفكرين نهجا إرشاديا بما فيهم الأستاذ المختار بن التقي رحمه الله الذي ولّد هذا التحول عنده ميولا إلى الإرشاد والتوجيه والدعوة إلى التمسك بالأخلاق الإسلامية الحميدة، وضرورة اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الأخلاق واللبس والمعاملات، والتخلي عن محاكاة الغرب ومسايرة الموضات الخليعة في الحلاقة واللبس والحذاء التي ليست سوى مظاهر من مظاهر الغزو الفكري والمسخ الثقافي والحضاري للمجتمعات المسلمة، وهكذا كرس -رحمه الله- الكثير من أنظامه وكتاباته في الحث على التمسك بالزي الإسلامي ومحاربة سيل الموضة والأزياء العارية الجارف والغزو الفكري والديني الممنهج([7]).
وقد كان المختار بن التقي – رحمه الله- مثالا يحتذى لكل طالب علم يريد تحصيل العلم النافع، ومثالا لكل عالم جليل متواضع يحب تلامذته وزملاءه وأهل الصلاح والفضل، فلقد كان ذا معاشرة طيبة حليما، طلق الوجه، وقورا قويا في الحق وكان على درجة عالية من التواضع وبساطة العيش، لا يتميز عن تلامذته بشيء اللهم إلا أنه شيخهم ولا يرتاح إلا إليهم، ولم يكن –رحمه الله- راغبا في شهرة العلماء والمزايا التي يفرضها لهم قدرهم الجليل عند الناس، بعيدا عن الأضواء وحب الشهرة، على نهج السلف الصالح، متواضعا في حياته كلها ولولا ذلك لشدت إليه الرحال من كل حدب وصوب وهو محطها في العلم ولاسيما في الفقه وعلوم اللغة العربية وفنونها ...، كما كانت له مكانة علمية لا نستطيع بهذه الأسطر أن نعطيها حقها الكامل، فمن ذلك درايته الواسعة بمجمل النصوص الشرعية التي تعتبر معرفتها أساس كل معرفة، ومنه تزكية كثير من علماء قطره المعاصرين له في القطر الموريتاني أمثال بداه البصيري، وأحمدو ولد امرابط وغيرهم، بالإضافة إلى تزكية بعض الجهات الرسمية له كوزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي، ولجنة مسلمي إفريقيا ...، فنال حظوة كبيرة ومرتبة عالية من المحبة في النفوس في جميع الأنحاء، وهذا غيض من فض أخلاقه العطرة رحمه الله وأدخله فسيح جناته.

ثالثا: أدبـه  وآثاره  العلمية:
لقد اشتغل الشيخ المختار بن التقي –رحمه الله- بالتأليف أول حياته ولاسيما في الفقه وفنون اللغة العربية وبعض القضايا الاجتماعية وغيرها..، فألف في الفقه وأصوله والتوحيد ومصطلح الحديث واللغة والنصائح والآداب العلمية ونحوها....، وقد كان – رحمه الله- يقول الشعر سليقة دون تكلف، فلا غرابة إذا رأينا مؤلفاته أكثرها نظما، فلقد كان شاعرا بالجبلة وناظما بارعا، وكان أكثر ما جرى على لسانه من الشعر في الحث على التمسك بالسنة واجتناب البدعة، إضافة إلى بعض القضايا الأخرى كالحث على الوحدة الوطنية والتحذير من التفرقة العنصرية ونحوهما.
إذ يقول في مطلع نظم له حول الوحدة الوطنية، في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أوشكت عرى الوحدة الوطنية أن تنحل إثر الحرب مع الجارة السينغال:
حمدا لمن أمر بالتعاون *** فامتثلوا لأمر بلا تهاون
وبعد فالمقصود نصح الشعب *** تذكرة لعجمه والعرب
فبيضنا وسودنا كالعين *** في حسنها بحاجة لذين
فالناس قطعا كلهم لآدم *** والأصل والعوْدُ التراب فاعلم
والفضل بالتقوى وبالتناصح *** في الدين بالحكمة لا التناطح
والفخر بالأنساب والاحتساب *** (عبيةُ) الجهال والكُذّاب
زرعها الأعداء للتفريق *** (فرق تسد) شعار ذا الفريق
وضربوا للبعض اعتدا *** سترا على غشهم في الابتدا
إلى أن يقول في وسط النظم:
تعاونوا واتحدوا يا مسلمون *** ضد عدو الدين كيفما يكون
فالاتحاد فضله في الإخاء يشهد *** له قول الله نعم المشهد
وقد كان فطنا رحمه الله لما تمليه مقتضيات العصر والحياة الحضرية وما تحمله معها من تحديات، فكان كثيرا من نصائحه النظمية في اتجاه التنبيه إلى تلك الأمور الدقيقة، تماشيا مع هدي الشرع وما ينفع من مقتضيات الحياة العصرية، إذ يحض –رحمه الله- في نصيحة مهمة له في الأزياء على الزي الذي يوافق الشرع ويحفز على العمل ويسهم في وحدة المسلمين، حيث يقول:
في شرعنا المقياس للباس *** ستر الأنام زينة الأناس
صفاقة تناسب الأعمالا *** وعدم النهي فع الأقوالا
وردُّنا اللُّبْس إلى العوائد *** ليس له في الشرع من فوائد
يجب أن تخالف الملابس *** عدونا كي يقنط الأبالس
من خرق صف الوحدة الرشيده *** والطعن في ملتنا الحميده
والوطني يخلع للدارعه *** دراعة الخمول والخلاعه
لأنها مانعة من العمل *** مفسدة للمال والكل فشل
مهلكة للناس بالسياره *** وبالطريق وعند زحم الماره
لابسها كأنه خباء *** طيارة شراع أو قباء
وكل ثوب فيه تصوير لحي *** فاجتنب الصلاة فيه يا أخي
إذ تمنع الصلاة في المصلب *** مصورٍ وللبخاريِّ انْسِبِ


وله رحمه الله تعليق وشرح مؤصل ومفصل بالأحاديث النبوية والأدلة الشرعية على هذا النظم.

ولقد امتازت أنظامه بالجمال وقوة السبك النظمي، وسهولة الأسلوب وأناقته مع البساطة والجمع بين الاختصار والاستيفاء، ووضوح المعاني وسلاسة الألفاظ وطرافتها. من ذلك وصفه الطريف في نظمه حول التحذير من التّخَنْفُس، وهو مصطلح يطلقه رحمه الله على السلب الحضاري وغزو الفكر الغربي لعقول بعض العباد، فيقول في بعض أبياته بعد المقدمة:

وبعد فالمقصود نصح الشعب *** في عصرنا بشجبنا للسلب
حقيقة الخنفوس من قد اقتبس *** روح الكفور فكره ثم اختلس
طباعه لغته وقد عفا *** شاربه أم اللحى فقد حفا
فخالف الأمرين في "قصوا" وفي *** "اعفوا اللحى" كليهما لم يقتفِ
ووجهه عند الصلاة يممه *** وغسله عند الخروج تمّمه
دخول المسجد نزر ودخولْ *** السنما والمرئيا أمر يطولْ
صلاته للصبح يوم الجمْعةِ *** ظهرا وذاك دأبه في العطلةِ
يؤخر الأوقات طبعه الكسل *** عن الفروض واقتحام ما خُطِل
ويهمل الدورس لا يهتم *** إلا بما شيطانه يؤم
كالنرد والقمار صنع الصوره *** والرقص والغنا وشأن الكوره
ويضعف اهتمامه بالدين *** فالدين عند النذل كالسِّرقين
والخنفساءُ مثله في الطبع *** طبع التخلق بكل وضع
من طبعها السفور والتبرج *** والسينما عن بهرها لا تخرج
طويلة النعال والأظفار *** محمرة الشفاه كالفجار
تصافح الصديق والصديقه *** والموعد المسرح والحديقه
وشاطئ البحر به نعم المقيل *** لخنفس وخنفسا بيس الزميل
وسهرة الغناء والفضول *** مسجلا من خلقها المفضول
والغش والتشويش في الفصول *** من خلقها المستهجن المرذول
وشْرٌ ووصلٌ نمصٌ والحلْقِ *** زيُّ الأربيات بنفس الخلْقِ
يا خُسْر من قد يَبِعْ للزينة *** في موجة الغرب المعادي دينه
فهذه حقائقُ التخنفس *** تذكرة وعبرة للكيس

هذا دون أن يقفل باب الأمل أمام المتخنفسين فأشار في آخر نظمه إلى أن باب التوبة مفتوح وأن علاج "التخنفس" يسير بالرجوع للكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، هذا قبل أن يختم نظمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وامتازت أنظامه أيضا باعتدال مضامينها وتأدبها، فلا تجريح ولا إفراط ولا تفريط، إذ يقول -رحمه الله- في نظم له ناصحا أهل الغلو والتطرف من جهة وأصحاب اللين والتراخي من جهة أخرى، مسديا النصيحة في مسألة التجاذب بين أهل التقليد والتأصيل والانتماءات في الساحة الإسلامية، وذلك في نظم اسماه "نصيحة الشباب والكهول" يقول فيه ببساطة وأسلوب واضح:

الحمد لله وصلى الله *** على نبينا ومن والاه
وبعد ذي نصيحة للبعض *** ممن يعض الناس بعض العض
كذمه أسلافنا بلا سبب *** تغفلا منه وحبا للشغب
فاحترموا السلف أيها الشباب *** لولا جهادهم لكنتم في تباب
ضحوا وجاهدوا من أجل الدين *** وبينوه غاية التبيين
حسب الظروف والزمان والمكان *** والعلم للجميع في ذاك الزمان
فعصرهم عصرانحطاط فكري *** وفتن خوْفٍ وفقرٍ مكرِ
فإن رأيتم غلطا في كتبهم *** فأصلحوا ولتحذروا من لمزمهم
ولا تسبوا أحدا لا تزدروا *** آراءهم حتى تروا وتنظروا
كل المصادر التي بها استدل *** عالمهم والأصل في البلاد قل
غربلة التراث أمر لازم *** ليسلم الجيل المفيد الحازم
من ورطة التقليد للأجداد *** دون دليل مقنع للنادي
لكنْ ذا بصيغة علمية *** وحكمة بليغة ذكية
تنظر في الربح وفي الخسران *** للنصح في تقرير هذا الشان
وقول ذا من علما بنافا *** ونحوه مع شرعنا تنافى
إذ فيه الاستخفاف بالأعلام *** من فقهاء ملة الإسلام
فحسنوا الظن بهم وأنصفوا *** عرفتمُ بعضا وبعضا عرَفوا
ولا تذم الوالي السلطانا *** وادع له وانصحه أيا كانا
بشرط الإسلام ولو ظلوما *** أو فاسقا يعذب المظلوما
فذمه يدعو للافتتان *** والخلِّ بالأمن لذي الأوطان
فالزم تعلما وعلما وعمل *** واصبر تأدب واستقم ولا تمل
هذي نصيحتي وقس ما لم يقل *** واسلك سبيل من أناب لا أضل
من أمر الناس بهدي خلقي *** فخالف الأمر قبيح الخلق.

     وقد اعتمد في أنظامه الفقهية على صحيح السنة بعيدا عن البدع والتعصب، ومن تلك الأنظام ما شرحه هو وعلق عليه ومنها ما تركه بدون تعليق لوضوح معانيه وسلاسة ألفاظه([8]).
وهكذا اشتغل المختار بن التقي –رحمه الله- بالتأليف أول حياته، فكانت تآليفه نبراسا لكثير من طلبة العلم تضيء لهم طريق العلم والمعرفة، وكان منها المنظوم والمنثور بين مختصر ومطول وموجز ومفصل، وهي ثلاثة عشر تأليفا، وبضع وثلاثون نظما مطبوعة، وفيما يلي أهمها مع وصف بعضها بقلم المؤلف، بتصرف:

1-  تحفة الأحباب في ما نسخ وخصص من السنة والكتاب:
وهو الكتاب الذي صدرت الطبعة الثانية لنظمه في سلسلة "الجأش الرّبيطُ في إحياء علم علماء شنقيط" العدد (2)–(3) وذلك ضمن كتاب ضم نظما آخر للعلامة محمد المختار الولاتي الشنقيطي، صادر سنة 2013، عن دار مركز الإمام الثعالبي للدراسات ونشر التراث بالجزائر- ودرا ابن حزم ببيروت، اعتنى به وعلق عليه الشيخ محمد توفيق بن عمّار الكيفاني، أحد مشايخ العلم المعتنين بتراث الشناقطة، عفا الله عنه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا([9]).
يقول المؤلف رحمه الله- وصفا لهذا الكتاب: طريقتي في البحث في هذا الكتاب أني اطلعت على ما كتب في الناسخ والمنسوخ من طرف العلماء المتخصصين من أصوليين ومفسرين، كالشافعي والطبري والقرطبي، والهمداني، والأمدي والرازي، وابن الجوزي، والنحاس وابن كثير، وهبة الله بن سلامة، والخازن، وغير ذلك من كتب المتأخرين. فلخصت عباراتهم واختصرتها وتصرفت فيها بما يسهل على القارئ فهم الموضوع دون عناء، ودار بحثي حول المواضيع التالية:
- مقدمة للتعريف بالمؤلف وبالناسخ والمنسوخ والفرق بين النسخ والتخصيص، ووجوه الترجيح، ودليل النسخ من الكتاب والسنة.
- نسخ بعض أحكام القرآن بالقرآن. - تخصيص القرآن بالقرآن.
- نسخ السنة بالسنة وتخصيصها بها. - المختلف في  نسخه من السنة.
- نسخ القرآن بالقرآن.            - نسخ بعض أحكام القرآن بالسنة.
- خاتمة تتضمن الأهداف العامة والمراجع.
وقد أكثرت فيه من الأمثلة نظما ونثرا لكل تلك المواضيع واستقصيت ما استطعت لتثبيت المعلومات في أذهان الطلبة.
وأردت بهذا البحث أن أميط اللثام عن هذا العلم النفيس توجيها لجيلنا المعاصر، وإحياء للسنة هنا بعد ما تناساها الناس. إذ على الناسخ والمنسوخ تتوقف معرفة الكثير من الأحكام الشرعية. وأن أضيق الهوة بين دعاة التقليد المذهبي الأعمى المحذرين من أخذ الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، ودعاة الاجتهاد الهش الداعين إلى نبذ آراء أئمتنا رحمهم الله. وقد كتبت بالنظم ليسهل الحفظ، وشرحت بالنثر بأسلوب غير ممل ولا مخل.
يستفيد منه كل مطالع، واحتسب الأجر عند الله، وقد سلم هذا الكتاب كثير من علمائنا منهم الإمام بداه البصيري، وحمدا بن التاه، ومحمد الحسن ولد الددو، وأحمدو بن المرابط ومحمد بن سيد، والتقي بن محمد عبد الله القاضي وغيرهم.

2- المذكرات السنية الموضوعية  في مصطلح الحديث في البيقونية
هذا كتاب مفيد جدا تضمنت مقدمته تعاريف ضرورية لمعرفة علم الحديث وأهله، وجمعت فيه مذكرات لكل لقب من ألقاب الحديث من الصحيح والحسن إلى ما بعدهما من المتروك والموضوع مع ذكر الأمثلة لذلك، وأين يوجد كل لقب من ألقاب الحديث؟. وشروط العمل به ورتبته على ما في البيقونية وزدت على ما فيها من ما يُحتاج إليه من الألقاب والتابعات والشواهد التي لم ترد فيها، ويشتمل على الضروري وغيره من علوم الحديث بأسلوب سهل ودقة علمية فائقة خدمة للسنة وعونا لطلبة العلم بهذا البلد وغيره من البلاد، ليكون هذا الكتاب معينا على معرفة الصحيح والسقيم من الحديث النبوي، وعلى معرفة المصطلح بدقة وسهولة، وبأسلوب عصري خال من التكلف والتعقيد، والمراجع وطريقة البحث مقيدة بالكتاب، فلتراجع هناك، فلا يسعها هذا الوصف القصير، وبالجملة فهو كتاب مفيد جدا لطلبة علم الحديث، والفقه بصفة عامة، والله أرجو أن يكون عملي فيه وفي غيره من الكتب خالصا لوجهه تعالي، وأن يكرمني به في الدنيا ويثبتني به في الآخرة ، آمين. وهو مسلم لدى العلماء.

3- دليل الطلاب في معاني رسم الكتاب.
هذا موضوع لم يتصد له أحد في هذه البلاد –فيما أعلم- وهو عبارة عن تقعيد قواعد شبه ثابتة لرسم القرآن نحن بحاجة إليها، لتسهيل معرفة الرسم دون عناء. وتناولت فيه بعد المقدمة والمراجع المواضيع التالية:
- الزائد وأقسامه كزيادة الألف والواو والياء ولماذا؟. - الناقص وأقسامه كحذف الألف وإثباتها ولماذا؟. - مد التاء وقبضها ولماذا؟.  - حذف الياء وإثباتها ولماذا؟. - الوصل والفصل ولماذا؟.  - لماذا حذفت اللام الثانية من الذي والتي والليل؟. - والفرق المعنوي بين السين والصاد.   إلى آخر ما تضمنه الكتاب من مواضيع مهمة. والمراجع في المقدمة، وسلمه الإمام بداه، وهو نثر لكثرة أمثلته.

4- العقيدة الإسلامية الخالية من الشبه اليونانية.
إن حاجتنا إلى الوحدة الشاملة وترك الخلاف جعلت من الضروري توحيد عقيدتنا بصورة عملية بعيدة عن الخلافات الطائفية والمذهبية، وعن العقائد النظرية المعقدة المثبطة لجهود الوحدة الإسلامية الكبرى، لذا فإني تناولت العقيدة الإسلامية بعيدا عن تلك الخلافات المذهبية في المواضيع التالية:
- المقدمة عن نشأة الأشعرية سنة 433هـ بأمر من الخليفة العباسي القادر بالله. - عقيدة المسلم   
- معاني التوحيد وجواهره  - الشرك والمشركون.
- أسباب الشرك.  - دور الإيمان في بناء التوحيد.  - دور الإسلام في بناء التوحيد. 
- كيف  يُحبط التوحيد عمل كيد الشيطان   - الخاتمة.    
وانظروا بقية المواضيع في الفهرس. وقد تناولت تلك المواضيع كلها بالأدلة المحكمة من الكتاب والسنة، وليس في كتابي طريقة لأحد، إنما جئت بالتوحيد المبسط والمؤصل بالكتاب والسنة، الذي يعتني بالجانب العملي والسلوكي للمسلم، والمراجع موجودة في الكتاب، وسلمه محمد محمود بن أحمد يوره، وغيره من فقهائنا، والله الموفق.

 5-  حسن الاختيار والعرض في مسألة الإرسال والقبض.
كثر القيل والقال في مسألة القبض والإرسال منذ مدة وظهرت في الشاشة من جديد، فاختلفت فيها الفتاوى وحار فيها العوام، فأردت حسم هذه المسألة بشكل نهائي مقنع للقارئ المنصف، فتناولت أدلة الطرفين بعد المقدمة بموضوعية وأمانة علمية فائقة في فصلين وخاتمة توضح حكميهما النهائي، وهو أن القبض سنة محكمة، ومطلوبية نقلية كتابا وسنة وجمهورا، ومطلوبية الإرسال على القول بها استحسانية مذهبية، برواية محتملة مؤولة مشهورة في المذهب المالكي عند الذين يعتبرون شهرة ما نقل عن مالك في المدونة على ما نقل عنه في الموطأ، والأصح عند المحققين من المالكية عكس ذلك، وعلى القول به فإن عامة الفقهاء والأصوليين يقدمون العمل بالراجح دليلا على المشهور المرجوح إذا تعارضا، ولذا قال صاحب الكفاف:

"إن عارض المشهور راجح وجب *** بالراجح العمل حسب ما نسب"
"لمـــقتضى أئمـة الفقـه الغــرر *** وعلـمــا الأصول في أم البصـر"

وأم البصر كتاب الشيخ سيد المختار الكنتي رحم الله الجميع، فالحكم هو العمل بالقبض إحياء للسنة بعد ما عصفت بها رياح الأهواء والآراء وأماتها المتعصبون لمذاهب الرجال، انظر الصفحة: 3 إلى 25، ومن الصفحة: 48 إلى الصفحة: 49 من هذا الكتاب. وقد سلمه الإمام بداه البصيري، وأحمد يوره بن المرابط ومحمد يحيى المجلسي وغيرهم.

5-  من حقوق أطفـالنا.
هذا الكتاب ضمنته حقوق الطفل على والديه ومجتمعه كله من منظور إسلامي كالمحافظة على صحته، وتعليمه التوحيد ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والأمور الضرورية من الدين بالضرورة كالصلاة والآداب العامة والشجاعة وسير الأبطال ... ونهيه عن المحرمات والرذائل وتحذيره من النار وما يجر إليها من العادات السئة. والأمر بتأدية واجباته تجاه والديه ومجتمعه ... انظروا فهرست الكتاب لتروا فيه بقية المواضيع المطروقة، فهو كتاب يجب أن يدخل كل منزل ومكتب وهو مسلم من طرف الجميع.
6-    ضوابط الرياضة البدينة وأصولها الإسلامية:
تضمنت مقدمة هذا الكتاب هدف الكتاب وتأصيل الرياضة البدنية بالأصول الشرعية، وسقت جملة من الأحاديث في ذلك، وتناولت المواضيع التالية بشئ من التفصيل، وهي:
- ضوابط الرياضة المشروعة. - ضوابط متعلقة بزي المشاركين. - ضوابط متعلقة بالمشاركين. - ضوابط متعلقة بوقت الرياضة. - ضوابط عامة - نماذج من الرياضة في العصر النبوي، ... وختمت الكتاب بطلب للسلطات التنفيذية تطبيق تلك الضوابط عمليا وقانونيا وإلا فإن إيجابيات الرياضة البدنية ستنقلب سلبا على الفرد والمجتمع، وقد سلم هذا الكتاب حمدا بن التاه، ومحمد بن أحمد يوره.

7-    التوسل الممنـوع.
كثر الخلاف في التوسل المشروع في الآونة الاخيرة، واختلفت فيه آراء فقهائنا، ووردت فيه فتاوى مقتضبة متضاربة غير محررة، مما يؤدي إلى حيرة العوام ووقوعهم في التوسل الممنوع عملا بتلك الآراء الخاطئة. لذا فإني ألفت فيه هذه الرسالة القصيرة للرد على المخالفين بعد عرض حججهم، وهي في نظرهم آيات وأحاديث، ذركتها في الرسالة بأسلوب علمي متقن يفسر الآيات ويدرس متن الحديث وسنده، ليتضح الحق للقارئ إيضاحا يفضح آراء المخالفين وبيبن خطأهم، ولم أكتب المواضيع هنا لكثرتها فلتنظر في فهرست الكتاب مع مراجعها، ومنها حديث الأعمى، وتوسل آدم بالنبي عليهما الصلاة والسلام، وحديث الفتق والعتق، ودفن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها .. إلخ تلك الأحاديث والحجج، وفيه خاتمة مفيدة جدا من قرأها رشد ومن حاد عنها فسد، وأسأل الله الواحد الأحد أن ينفع به كل أحد. وسلمه محمد يحيى المجلسي، وغيره من فقهائنا، والمراجع أقوى شاهد على صحة الرسالة. والله الموفق.

8-  التعليق المرفوع على التوسل المشروع.
هذا الكتاب صغير الحجم عظيم النفع، ونحن بحاجة إليه لما فيه من الحق وصد العوام عن البدع الشنيعة التي يقعون فيها جهلا بحقيقة التوسل المشروع، هو عبارة عن تعليق قيم قصير على نظمي (التوسل المشروع)، والمراجع مذكورة في مقدمة الكتاب، والمواضيع المدروسة في ثنايا الكتاب أيضا، وقد سلمه الشح محمد سالم بن عدود، ومحمد الحسن بن الددو، وأحمد بن المرابط، ومحمد محمود بن أحمد يوره وغيرهم. والله من وراء القصد.

9-  حقائق عن الصوفية
10-  التمارين النحوية لمدارسنا الأهلية.
11-   تحفة الطلاب (قواعد فقهية).
12-  الحكم العطائية في الميزان (مخطوط).

13-  جامع الفتاوى القيمة البديعة في الأمر بالمعروف والنهي عن البدع الشنيعة:
    وهو جامع للفتاوى والتوجيهات الذي جمع فيه كثيرا من الفتاوى والتوجيهات المحلية التي يجد فيها كل قارئ فوائد ممتعة وهادفة، فللفقيه، والأديب، والمصلح الاجتماعي، والعامي نصيب وافر من النصائح الممتعة، ويشتمل على بضع وثلاثون موضوعا ما بين نظم ونثر بعضها في ذم التقليد والحث على تعلم الحديث، والتمسك بعقيدة السلف الصالح، والبعض منها فتاوى وتوجيهات محلية تعالج أمورا اجتماعية والإسلامية، وتكتسي هذه النصائح شمولية وبعدا اجتماعيا خاصا ببلدنا ... إلخ.
  وقد سلم هذا الجامع من طرف علماء البلد- كل موضوع على حدة، كما هو مسجل داخل الكتاب والدين النصيحة، و"إن تنصروا الله ينصركم" والله من وراء القصد هكذا ختم رحمه الله وصفه لهذا الكتاب، وقد ضم هذا الكتاب بضع وثلاثون نظما، تحت العناوين التالية:
(1)- مسائل في الصلاة والطهارة والصوم.
(2)- أحكام الصلاة.
(3)- مذكرة في أحكام الحج.
(4)- الحث على وحدة المسلمين وتضامنهم.
(5)- الحث على تعلم الأصول بالطرق الشرعية وذم التقليد والتعصب والبدع.
(6)- الفرق بين الصوفية والسلفية وجماعة التبليغ.
(7)- التحذير من التخنفس (السلب الحضاري).
(8)- التحذير من أخطار الهيئات التنصيرية.
(9)- التوسل المشروع.
(10)- حكم السمسرة والتبغ والتلفزيون.
(11)- حكم المصافحة والرد على من أباحها للمرأة الأجنبية.
(12)- حكم التلفزة وغيرها من الوسائل المرئية والمسموعة.
(13)- حكم ذكات أهل الكتاب وغيرهم من الكفار.
(14)- كيف تحفظ القرآن الكريم.
(15)- نصيحة مهمة في الأزياء.
(16)- نصيحة في العقيدة الصحيحة.
(17)- نصيحة الشباب والكهول.
(18)- هذه نصيحتي لكل أشعري.
(19)- توعية المتعصبين.
(21)- توسلات بأسماء الله الحسنى.
(22)- سور القرآن مكيها ومدنيها.
(23)- معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم.
(24)- لا للتغريب والتبذير.
(25)- مظاهر التغريب والغزو الفكري بقطرنا.
(26)- ضرورة التمسك بالزي الإسلامي.
(27)- تشجيع اللبسة الشرعية النسوية.
(28)- حقيقة الحلاقة العصرية النسوية.
(29)- زينا في النعل والشعر واللباس.
(30)- نعم للزي الإسلامي لا للأزياء الكفرية.
(31)-لم شرع تعدد الزوجات في الإسلام؟
(32)- ما هي الأسباب التي حالت دون تعدد الزوجات بقطرنا؟
(33)- رويدك بالقوارير (في رياضة النساء).
(34)- أهمية الوحدة الوطنية.
(35)- أمراضنا الاجتماعية ودواؤها.

وهكذا كانت كتبه وأنظامه -رحمه الله- نبراسا لكل طالب علم ومنهلا لكل باحث، إذ يقول الشيخ محمد الحسن الشنقيطي حفظه الله، في تقرير لأحد كتبه:
في كتب المختار نجـل التقـي *** مـن لؤلُؤ مـا يَنتقي المنتقـي
نظمـا ونثـرا بارعـا نافـعـا *** إلى العلـى يرقي بِـه المرتـقـي
وفَّقـــه اللــه بتــوفـيقـه ***  في كـلّ ما يـرتـقي وما يتـقي
***
خامسا:  وفـاتـه (رحمه الله):
توفي رحمه الله تعالي مساء يوم السبت 27/12/2003، الموافق 03 من ذي القعدة سنة 1426هـ، بعد أن عاش حوالي سبعين سنة، وكانت بداية وفاته فجر السبت نفس يوم وفاته حيث كان في المسجد يتنفل قبل صلاة الفجر إذا عندما سقط وأغمي عليه، قبل أن يفيق بعد لحظات ويصلي الصبح في الجماعةويرجع إلى منزله في صحة جيدة رفقة بعض جيرانه، وبعد ذك أغمي عليه مرة أخرى فحملته الأسرة إلى المستشفى الوطني حيث أفاق لكن الطبيب قرر أن يبقيه تحت الرعاية حتى تجرى له بعض الفحوصات اللازمة لمعرفة سبب تلك الإغماءات التيت حدث له.
وظل في صحة جيدة يتكلم مع أهله وذويه عن العلم وأحكام الصلاة، حتى صلى الظهر والعصر وبعد انتهائه من صلاة العصر أغمي عليه، فسارعنا لاحضار الطبيب لكنه عندما أتى أخبرنا أنه انتقل الى الرفيق الأعلى، وكان حينها نير الوجه مغمض العينين مغلق الفم، فكانت تلك الحالة استجابة لدعائه الذي كان يقول فيه (اللهم اجعل مماتي كمنامي) فقد توفي دون أن يعرف هل هو متوفى أم نائم.
ولقد كان وقع وفاته على أهليه ومعارفه ومحبيه وأصدقائه وتلامذته شديدا، والمصيبة به فادحة، فرثاه بعض رجال العلم أمثال محمد سالم ولد عدود رحمه الله، وكثير من بني عمومته وتلامذته وبعض معارفه، رثاء حارا يعكس مدى الفاجعة التي أصابتهم بوفاته فرثوه بالشعر الفصيح والشعر الحساني (الشعبي)، ومن ذلك قصيدة رثاه بها الشاعر "محمد عبد الحي ولد لمام"، يقول في مطلعها:

بدر الشرع عن آفــاقنا أفـــــلا *** فل يدع المدعون العلم والعمـــلا
وليعل من شاء باسم الــدين منبــره *** فالنبت صوح والهشيم قد أكـــلا
وليدعي وصـل ليلى العــلم كل فتـى *** فالعاشق الصب عن ديارها ارتحلا
ولتجدع الأنف منها بعــد فرقتـــه *** ولتجعل الحزن في أحداقها كحــلا
مضى الزمان الذي كـان الوصـال به *** واكر الدهر حتى أنكر الطــــللا
أينكر الدهر أيـاما مضـت ذهبـــا *** ويترك الكل من أيامنا مثـــــلا
أيام ننشق نفح العلـم مــن بشــر *** قدر روضته أكف الفضل أن هـطـلا
من روضة العلم والمجد التليد ومــن *** حديقة الغوث والأقطـاب والبـــدلا
غاب البهاء وغـاب النور بعدك يـا *** خير الذي حل في ذا القطر وارتحــلا
غاب نصيحــة خلق الله إن فسـدت *** أخلاقه وهد النبي الهادي أفـــــلا
الله! الله !! أيــام يديـر بــهــا *** على مجالسه من علمه عســـــلا
يشنف الأذن من ياقـوت حكمتـــه *** ويلبس الشخص من تعليمه حلـــلا
ويذهل العقل في أخلاقــه ولـــه *** من الهداية ما قد يُخشع العقــــلا
فالبدر إن قابل الوجه الذي نــظرت ***  عيناي يوما سريعا ذاب واشتعــلا
طـود من الفضل والأخلاق قد كملت *** له المكارم حتى أُسرجت زحــــلا
وأرضعته لبــان الفخــر من درر *** من محض مجد أنار الأصل والنسـلا
وأظمأته إلى تقـوى الإلــه فلــم *** يترك معين مجد إلا به نـــــزلا
ريان صديان لا يصـدى إلى أبــد *** مجش ولا أبدا يروي إذا بـــــذلا
قد خيرته الدنى فاختـار أفضلهــا *** نهج الرسول وتقوى الله جـل عــلا
سمته من حظـه منها فسمي بالمـ  *** ـختار نجل التقي حتى غدا مثـــلا.
***




الهوامش:
* بقلم محمد عالي.
[1]- وهو الطالب مصطف الوافد الى منطقة الكبله من شنقيط المنتسب الى قبيلة الأقلال المنتسبة إلى عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد كانت اسرته أسرة علم وتقوى إذ يقال أن الطالب مصطف أدخل إلى منطقة "ألكبله" كثيرا من العلوم التي لم تكون معروفة فيها قبله، وقد سؤل –حسب بعض المصادر الشفهية- عند قدومه إلى منطقة "الكبله" عن نسبه فقال: "نسبنا العلم والعمل به"، وهو مدفون -أي الطالب مصطف رحمه الله- حسب الرواية المحلية في مكان يدعى "أوتيد انغني" (أو "أوتاد النعامه" حسب بعض القراءات) في ضواحي مدينة انواكشوط (قرابة 20 كم) جنوب شرق مدينة انواكشوط.
[2]- التي كانت رحمها الله إحدى سيدات الفضل والكرم والأدب والنباهة، كانت على درجة كبيرة من الورع والتقوى وهي من بيت أهل حمدان المعروف بالعلم والصلاح، توفيت رحمها الله سنة 1996 تقريبا، ووري جثمانها الطاهر في مقبرة اقصير النخل الذي كان يحفل في القديم بأهل العلم والفضل من أهل ومحبي قرية "الخوارة".
[3]- إن مفهوم "لقلال" مصدر مشتق من الكلمة السوننكية " قلي"، وهي صفة تعني اللون الأبيض، حيث تقول المصادر التاريخية الشفوية – ولكن المتواترة- أن الجد الأعلى لقبيلة لقلال هو المدعو "محمد قلي"، الذي تم وصفه بتلك الصفة تمييزا له بلونه المائل للبياض في محيط تعمه السمرة والسواد، جاء برفقة والده الرجل الفقيه"إبراهيم" الذي قدم في تاريخ غير معروف على وجه الدقة واليقين إلى مدينة "زارة" (الواقعة حاليا في الجانب المالي من الحدود مع موريتانيا)، ولأن إبراهيم ذلك كان معلما للعلوم الشرعية الإسلامية، فقد رغب رئيس القرية بتزويجه من ابنته التي أنجبت له (أحمد، وقيل : محمود، وهو الجد الكبير لفرع من السوننكي يسمي "سلا" ،الذين هم حاليا زنوج برغم أصلهم العربي السلالي). ويتفق أغلب النسابة المحليين أن محمد قلي ولد إبراهيم منحدر من نسب أبي بكر الصديق الخليفة الراشدي الأول.
وقد بدأت قبيلة لقلال –في الأصل- من الحافة الشرقية لولاية تكانت الموريتانية وتحديدا في مثلث شنقيط – تجكجة- تيشيت. وسرعان ما انتشرت بعد ذلك في توسع كبير حتى بلغت جذورها وامتداداتها عموم موريتانيا من الشرق " فصالة انييري" حتى الشمال الغربي أقاليم الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتواجدت منها فروع في كل من الجزائر وليبيا ومالي والسنغال والنيجر والسودان والسعودية والأردن وتركيا ..الخ (نقلا بالنص الحرفي عن مقال بعنوان جوانب من" اثنوغرافية" قبيلة لقلال البكرية بموريتانيا، للكاتب الموريتاني احمد ولد نافع / وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة).
[4]- أمثال النابغة القلاوي (المتوفي 1245 هـ) الشنقيطي أحد أبرز العلماء الذين اشتهروا في منطقة القبلة في موريتانيا حيث استقر بها قادما من الحوض، وهو الفقيه، المصلح، الناقد، الغيور على الدين، الشديد على أدعياء العلم. وصاحب المؤلفات الفريدة فى بابها والطريفة فى مسمياتها، كمثل نظم "بوطليحية" الشهير الذي حصر فيه المعتمد من المراجع الفقهية في المذهب المالكي وعمل فيه على ترشيد الفتوى وضبط مصادرها، وكذلك نظم "خطية فم الحاسي" فى ذم بعض الممارسات التى لا تتماشى مع الشريعة. كما أنه صاحب المؤلفات الفقهية التعليمية كمثل "الأزهري في شرح مختصر الأخضري".
[5]- تقع قرية "الخوارة" (موطن اقلال الكبله) ضمن الحيز الجغرافي الإداري لمقاطعة كرمسين التابعة لولاية "الترارزه"، عند الكلم 132 جنوب مدينة "انواكشوط" والكلم 71 شمال مدينة "روصو" على الطريق الرابط بين "روصو" ومدينة "انواكشوط". ولعل اسم "الخوارة" مشتق من الاسم اللغوي للكلمة 'وهي الأرض اللينة السهلة' كما جاء في قاموس المعاني، فـ "الخَوَّارَة" من النوق هي الناقةُ الغزيرة اللَّبَن السهلة الدَّرِّ، و"الخَوَّارَة" من النخل هي النخلة الكثيرة الْحَمْل  و"الخَوَّارَةُ" من الأرَضين هي الأرض الليِّنة السهلة. حيث تمتاز الخوارة بلين أرضها وجمالها وهوائها النقي (وبزيرتها -كثيب الرمل) الكبيرة التي يطلق عليها "زيرة الخوارة" والتي كانت تتراءى للناظر من مسافة طويلة، قبل أن تتأثر بعوامل التصحر.
[6]- وهو  العالم التقي صاحب الشهرة الكبيرة محمد عالي بن عبد الودود وعبد الودود هذا يلقب بعدود.
[7]- فكان رحمه الله فطنا لخطر ما تحيكه الأيادي الخفية المتربصة بالمجتمعات الإسلامية، فتركز على المرأة كمحور لإفسادها لأنه بإفسادها يتسنى لها افساد المجتمع، وتتخذ لذلك الموضة لإغراء المرأة والزيغ بها عن نهجها القويم فتسقط بذلك في التفسخ والانحلال حتى تصل الى الحضيض وتوصل معها من تربى في أحضانها من نشئ فيتم لتلك الأيادي ما تريد، فكان رحمه الله يحارب ما استطاع من تلك المكائد بالحث على تعاليم الدين الحنيف في كل شئ وكان يتابع بكل أسى ما تتعرض له الامة الاسلامية في ايامنا هذه من محاولات القضاء على هويتها ودينها الحنيف ويدعو إلى الوحدة لنصرة الدين وصد الحملات الاعلامية التي تشن لتشويه الاسلام والمسلمين، كما حذر من الارتماء في أجضان الهيئات التنصيرية ذات النوايا الخبثة، وحذر من السماح لها بمباشرة نشاطاتها المشبوهة بين الطبقات الفقيرة من المجتمع حيث تنعدم الحصانة الثقافية والدينية. وعلى مستوى الجانب العقدي فقد كان -رحمه الله- مشددا على ضرورة التمسك بالعقيدة السلفية الصحيحة الواردة في الكتاب والسنة بعيدا عن الفلسفة وعلم الكلام والترهات والأحلام وما إلى ذلك من انحرافات عن العقيدة الصحيحة والبدع الشنيعة في الفقه والمعاملات لا تأخذه في ذلك لومة لائم.
[8]- ومن تلك الأنظام، أيضا، ما تم تناوله بالتحقيق والتعليق من قبل غيره، كنظمه عن تعدد الزوجات الذي تقدمت بتحقيقه الأستاذة السالمة فال بنت المختار (ابنته) لنيل شهادة "المتريز" في الفقه وأصوله من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بنواكشوط.
[9]- يذكر أن سعر الكتاب الورقي لهذا التأليف في السوق اليوم هو بين 5.25$  وأكثر قليلا، وبنسب توفير مختلفة حسب دور النشر ومراكز التوزيع، دون عائد مادي يلتمسه ذوي المؤلفين ولا حتى المحسن الذي اعتنى بالطبع، حسب علمنا، ولا شك أن المقصد الأول والأخير للناشر والملفين لا شك أنه هو نشر العلم والمعرفة دون ثمن يرجى إلا ابتغاء مرضات الله نحسبهم كذلك والله حسيبهم. لذلك كان رابط هذا الكتاب متوفر لطلبة العلم على شبكة الانترنت من خلال الرابط التالي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهم  المصادر  والمراجع:
(1)- السالمة فال بنت المختار، 2006، تعليق على نظم : لم شرع تعدد الزوجات، للأستاذ: المختار بن التقي القلاوي رحمه الله، بحث مقدم لنيل شهادة المتريز في الشريعة الإسلامية، المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
(2)- الكيفاني، محمد بن توفيق، 2013، أرجوزتان، "تحفة الأحباب في ما نسخ وخصص من السنة والكتاب" للشيخ المختار ابن التقي القلاوي الشنقيطي، و"ناسخ القرآن ومنسوخه" للعلامة محمد المختار الولاتي الشنقيطي، ط1، سلسلة "الجأش الرّبيطُ في إحياء علم علماء شنقيط"(2) – (3)، دار مركز الإمام الثعالبي للدراسات ونشر التراث بالجزائر- ودر ابن حزم ببيروت (197 صفحة).
(3)- المختار ولد حامدون، حياة موريتانيا الثقافية.
(4)- مقدمات المؤلف في كتب المختار بن التقي، القلاوي الشنقيطي.
(5)- ولد نافع، أحمد، جوانب من" اثنوغرافية" قبيلة لقلال البكرية بموريتانيا، مقال منشور في وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة.
(6)- مدونة خزانة المنظومات العلمية على الرابط التالي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


الحقوق محفوظة لمدونة الخواره ©2013-2017 | اتصل بنا | الخصوصية