التاشدبيتي يدفن في المدينة ..نبذة عن الفقيد

 أنتقل الي عفو الله تعالي ورضوانه يوم الإثنين 24 ـ 06 ـ 2013 الفقيه  أحمد محمد عبد العزيز التاشدبيتي عن عمر ناهز 83 سنة كان حافلا بالعطاء والبذل و التقي والورع  فقد ولد الفقيه سنة  1930 عند بئر سعيد في منطقة اترارزه ، وتربى في قرية الخواره بين أبناء عمومته  وأخواله. ودرس في محاظرهم القرءان الكريم ومبادئ اللغة ودواوين الشعر المعتمدة، ثم تنقل بين محاظر محمد علي بن نعم المجلسي وعبد الله بن ابليل ومحمدن بن حبيب الله ومحمد عبد الرحمن بن أحمد أمغر التندغيين.
سافر إلى دكار (السينغال) بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945، واشتغل بالتجارة لمدة من الزمن، ثم اهتم بالحج، وتحصل على أوراقه المدنية من الحكومة الفرنسية في مدينة اندر بتسهيل من الترجمان أنذاك محمد رمظان وبواسطة من مولاي بن الشيخ السباعي.
وفي سنة 1947 ركب القطار من دكار إلى باماكو، ثم توجه إلى المشرق برا، ومر بالنيجر ونيجيريا والكاميرون واتشاد. ودخل السودان وتجول في مناطقه، واتصل بالمعهد العلمي في وادي مدني، وشارك طلابه دروسهم وأنشطتهم العلمية. ثم قدم على مكة المكرمة سنة سنة 1948 للقيام بعمرة، ولم تأخذ منه الحكومة السعودية رسوما ولا ضرائب. وكان الملك عبد العزيز آل سعود قد أعفى حجاج الشناقطة من رسوم الحج مراعاة لبعد ديارهم وما يعانونه من استعمار. ثم رجع الفقيه أحمد محمد عبد العزيز إلى السودان بعد أدائه لفريضة الحج، واشتغل فيها بالتجارة في بلدتي الحمراء وأم بادر في منطقة الكبابيش، فكان يتاجر بينها وبين مصر. التقى الفقيه في القاهرة بالشيخ محمد عبد الله بن المختار فال البوصادي رئيس رواق المغاربة بالأزهر وقتئذ. ثم زار معالم مصر السياحية والعلمية مثل مكتبة مصطفى بابي الحلبي ومكتبة محمود علي صبيح والأهرامات وغيرها.
وعندما أعلنت الحرب على مصر، بعد تأميمها لشركة القنال سنة 1956، تقدم إلى مكتب المتطوعين للدفاع عن أرض الكنانة، وسجل اسمه ضمن أول دفعة، لكن الحرب وضعت أوزارها قبل وصوله الميدان. وقد انتسب الفقيه إلى نادي الرماية في الخرطوم، وكان يضم ضباطا سودانيين وانكليز. وحصل من هذا النادي على عدة جوائز تسلمها من قائد الجيش العام في السودان اللواء محي الدين سعد وبحضور اللواء المتقاعد موسى أبو ذقن.
ولما قرر التجار المصريون سنة 1965 أن تكون قيمة المواشي السودانية مقايضة بالسلع المصرية، قرر التجار الشناقطة تحويل وجهتهم إلى ليبيا، ولكنهم لم يجدوا إليها سبيلا معروفا، فخاضوا مغامرة مشهورة لشق الطريق إليها من السودان مباشرة، فانطلقت رحلتهم الأولى في السنة المذكورة، وعانى أصحابها الكثير من المشاق مما حال دون إتمامها. وكانت تلك الرحلة تضم كلا من المحفوظ بن محمد أبات وابنه محمد سالم ومحمد الأمين بن حمد اليعقوبيين، وأحمد فال بن الحاج المختار السملالي. أما القافلة الثانية فكانت أكثر انضباطا وأحكم ترتيبا، وقد استفاد أصحابها من رحلة سابقيهم، وهي تضم كلا من الفقيه أحمد محمد عبد العزيز التاشدبيتي (المترجم له في النص) والشيخ محمد الإمام بن أحمد عمو القلقمي ومحمد محمود بن عبد الرحمن القلاوي وأربعة رعاة. وقد صرحت لهم وزارة التجارة في الخرطوم بتصدير مائة رأس من الإبل. فتزودوا بثمان جمال لحمل الماء، واصطحبوا معهم بندقيتين ومنظارا وبوصلة وخريطة جغرافية وعقاقير طبية وأكفانا تحسبا للطوارئ، ثم انطلقوا من جبل الميدوب شمال محافظة دارفور، وقطعوا صحراء قاحلة موحشة يقدرونها بألفي كيلومتر. وكانوا يهتدون في الليل بالنجوم وفي النهار بالبوصلة حتى وصلوا إلى جبل لعوينات على الحدود الليبية، فوجدوا عنده خمسة جنود من قبيلة القرعان، وأخبروهم أن أول مدينة ليبية بعدهم هي واحة الكفرا، وأنها تبعد عنهم حوالي 360 كلم. ولما علم الملك محمد إدريس السنوسي بمقدمهم أمر بتسهيل مهمتهم وعدم مطالبتهم بأوراق أو أية إجراءات أخرى. ثم إن الفقيه التاشدبيتي عاد إلى السوادن بتقرير عن الرحلة وإيجابياتها وسلمه إلى الحكومة المحلية بالخرطوم. واعتمادا على هذا التقرير بعثت الحكومة السودانية وفدا تجاريا إلى ليبيا وعقدوا معها معاهدة تجارية كان لها بالغ الأثر على المستوى التجاري وتبادل المنافع والعمالة.
وفي سنة 1966 جاور التاشدبيتي بالمدينة المنورة. واهتم بإنشاء مكتبة تكون وقفا على طلبة العلم في بلاد شنقيط لما تركها عليه من ندرة المراجع وانعدام المطابع وصعوبة الاستنساخ. فزار لهذا الغرض العراق والكويت وليبيا وسوريا، والتقى في مدشق بالشيخ عبد الكريم الرفاعي والشيخ حسن حبنكه والشيخ الملا رمضان البوطي.
وفي سنة 1973 حل في الإمارات العربية المتحدة واجتمع بوزير الأوقاف ورئيس دائرة التراث والتاريخ في أبوظبي الشيخ محمد بن حسن الخزرجي، فهيأ له لقاء رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. فأبدى له الرئيس حرصه على اكتتاب قضاة من الشناقطة، فأحال القضية إلى سفير موريتانيا أنذاك يحظيه ولد سيد أحمد آل بارك الله، فلبى رغبته وحقق أمنيته.
وفي سنة 1993 قام بتأسيس مكتبة العرفان بالعاصمة نواكشوط، وحصلت على ترخيص من وزارة الثقافة والتوجيه الاسلامي يوم 19 سبتمبر 1994، وحول إليها الدفعة الأولى من الكتب التي تضم 4366 عنوانا في جميع العلوم الاسلامية والمعارف الانسانية المختلفة. وقد تمكن من فتح فرع لها في مدينة روصو (عاصمة الترارزه) سنة 2000.
بعض مناقب الفقيد تحدث عنها أبي على  القلقمي الإدريسي  في كتابه  أعلام الشناقطة في الحجاز والمشرق
 وقد قال عنه العلامة العالم الجليل محمد مختار بن محمد عبد الله ولد محند شيخ محظرة أغنجاييت قصائد من بينها  هذه الأبيات :
بشرى لنا مرحبا أهلا بذي الجود.... والمجد والسؤدد الموروث مولود
سليل أحمد سام المجد شامخه    ... سليل عبد العزيز منبع الجود
  ىباؤه غرر أخلاقهم درر .. ...  .من والد منهم تبقى لمولود
طوبى لهجرتهم من موريتان إلى  ... أم القرى ومقر خير موجود
طابت شمائلهم من طيب طيبتـــــــــــــــــــــهم وهب نشرهم كالند والعود
لهم قصور بقرب المسجد النبوي         بكل نوع من الإحسان محمود
ويقول فيه المؤرخ الجليل والعالم الفاضل المختار ولد حامدن قصائد عديدة من ضمنها هذه الأبات :
محمد مولود لأكرم والد...... وأعرقه في المكرمات التوالد
وأحمد من عبد العزيز نما أب ... لأكرم مولود وأمجد ماجد
هما مثلا اندكسعد في المجد والعلا... وفي العلم والتقوى وشتى المحامد
وبيتهما بيت القصيد بأرضنا .......وفي كل أقوام بيوت قصائد
إلى ذلك اليت العزيز تحية ... .........وتهنئة من حامد وابن حامد..
كما يقول فيه الشيخ الجليل محمد الحسن بن احمدو الخديم معلقا على ما قال فيه العلامة المختار بن حامد:
هو المؤرخ بن حامد عقل 
                          مجد بني عبد العزيز فنقل   
 وقال ما الأسماع راق والمقل    
                               في أبحر لها البحور تستقل
تحسبه يكثر مدحا وهو قل          
                         في حقهم كأنه حصر الأقل   
 لاغرو إن من والد كان انتقل  
                                  .إرث لمولود بعبئه استقل .

مدونة الخوارة تعزي الشعب الموريتاني في هذه الفاجعة الأليمة وتسأل الله العظيم لذوي الفقيد الصبر والسلوان
 و إنا لله و إنا اليه راجعون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


الحقوق محفوظة لمدونة الخواره ©2013-2017 | اتصل بنا | الخصوصية